أحمد الشرع الجولاني، الذي يُعرف حاليًا بلقب قائد العمليات العسكرية السورية، يواجه صراعًا داخليًا مع اسمه المستعار “أبو محمد الجولاني” الذي حمله طوال سنوات طويلة.
ومع تخلص السوريين أخيرًا من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، يواجه الشرع تحديات جديدة في ظل الأوضاع المعقدة التي تمر بها سوريا، والتي لا تزال في مرحلة انتقالية غير محددة المعالم. هذه الفترة تمثل تحديًا كبيرًا في بناء دولة جديدة بعد عقود من حكم حزب البعث السوري.
أحمد الشرع الجولاني
ولد أحمد الشرع في الرياض عام 1982، وعاش بها حتى سن السابعة، قبل أن يعود مع عائلته إلى سوريا. في بداية العشرينيات من عمره، ترك دراسته للطب وذهب إلى العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003، حيث انضم إلى تنظيم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”، ثم أصبح قريبًا من زعيم التنظيم أبو مصعب الزرقاوي.
وبعد مقتل الزرقاوي عام 2006، اعتقل الشرع من قبل القوات الأمريكية في سجن بوكا، وبعد الإفراج عنه، انضم إلى تنظيم “دولة العراق الإسلامية” بقيادة أبو بكر البغدادي، الذي أرسله إلى سوريا لتأسيس فرع للتنظيم.
تأسيس “جبهة النصرة” والصراع مع البغدادي
في عام 2011، أسس أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) “جبهة النصرة” في سوريا مع بداية الثورة ضد نظام الأسد. لكن سرعان ما نشب صراع بين الجولاني والبغدادي بسبب خلافات حول فكرة إقامة دولة الخلافة، حيث كان البغدادي يسعى إلى تجاوز الحدود الوطنية، بينما كان الجولاني متمسكًا بفكرة “الإقليم الوطني”، ما دفعه إلى الرفض والابتعاد عن تنظيم “الدولة الإسلامية”.
تحولات الجولاني
بعد انفصاله عن “القاعدة”، أسس الجولاني “هيئة تحرير الشام” وحاول توسيع سلطته في إدلب والمناطق المحررة من النظام السوري. بينما كان الجولاني يواجه تحديات سياسية وعسكرية، كانت سياساته تدور حول براغماتية تحقيق أهدافه على الأرض، ومنها تأسيس حكومة “الإنقاذ” لإدارة المناطق تحت سيطرته.
بينما يحاول أحمد الشرع العودة إلى هويته الأصلية وتخليص نفسه من تبعات “أبو محمد الجولاني”، يظل الصراع بين الأيديولوجيا الإسلامية والوطنيّة قائمًا في شخصيته. كان الشرع يسعى لتوطين أفكاره ضمن نطاق جغرافي معين، بينما كانت أهدافه تتناقض أحيانًا مع رؤى الجولاني التي كانت تدفع نحو تغيير شامل على مستوى المنطقة.
المرحلة الانتقالية في سوريا
مع سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، دخلت سوريا مرحلة انتقالية معقدة، حيث يظل التساؤل قائمًا حول مستقبل البلاد ومسارها السياسي. في محاولة لمواءمة مواقف الثورة ومتطلبات بناء الدولة من جديد، أعلن الشرع عن تشكيل حكومة انتقالية برئاسة محمد البشير، مع تحديد موعد أول مارس 2025 لمراجعة الوضع السياسي في البلاد.
وأعلن الشرع أن سوريا “لن تنخرط في حرب أخرى”، في خطوة لطمأنة الداخل والخارج بشأن استقرار البلاد بعد انهيار نظام الأسد. وبينما يسعى الشرع لتحقيق التوازن بين متطلبات الثورة وبناء الدولة، يتعين عليه التوجه نحو صيغة توافقية تضمن السيادة الوطنية دون تجاهل متطلبات المنطقة.
ورغم الأوضاع الراهنة، تظل سوريا في مرحلة غموض، حيث يتم التعامل مع مخاوف من الفوضى وانتشار سيناريوهات المجهول. وفي ظل ذلك، يظل السؤال: هل سينتصر أحمد الشرع على الجولاني، أم أن التوازن بين الشخصيتين سيستمر؟