رغيد الططري، الطيار السوري الذي أطلق عليه لقب “عميد المعتقلين السوريين”، يعتبر من أبرز الشخصيات التي تعكس معاناة السوريين تحت حكم نظام الأسد المخلوع، حيث اعتقل الطيار رغيد الططري عام 1982 بسبب رفضه المشاركة في الهجمات ضد شعبه، ليعيش أطول فترة اعتقال سياسي في تاريخ سوريا الحديث، بلغت 43 عامًا. وفي هذا التقرير نستعرض قصة حياته المليئة بالمآسي والبطولات، حتى لحظة تحريره من سجون نظام الأسد.
من هو الطيار رغيد الططري
وُلد الطيار رغيد الططري في دمشق عام 1955، ونشأ في بيئة عسكرية حيث انضم إلى القوات الجوية السورية. في العشرينيات من عمره، أصبح طيارًا حربيًا برتبة “رائد”، ليبدأ حياته المهنية في صفوف الجيش السوري.
في مطلع الثمانينيات، كانت مدينة حماة تمثل معقلًا هامًا لجماعة الإخوان المسلمين، التي كانت في صراع مفتوح مع نظام حافظ الأسد. وفي فبراير 1982، شنت القوات السورية واحدة من أسوأ المجازر في تاريخ البلاد بحق المدنيين في حماة، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف.
وفي تلك الأثناء، كان الططري يشغل منصب طيار حربي، وجاءه أمر من القيادة بقصف مناطق في محافظة حماة. إلا أن الططري رفض تنفيذ الأوامر، بل امتنع عن التبليغ عن زملائه المنشقين عن الجيش، مما دفع النظام السوري لاتهامه بالانشقاق والقيام بممارسات معارضة له.
معاناة الطيار رغيد الططري
في عام 1981، وُجه لـ الطيار رغيد الططري تهمة التورط في انقلاب مزعوم، وتم اعتقاله أثناء عودته إلى سوريا قادمًا من مصر بعد رفض طلب لجوئه في الأمم المتحدة. منذ لحظة اعتقاله في مطار دمشق، بدأ الططري رحلة طويلة من التعذيب النفسي والجسدي في سجون النظام. وُضع في سجن المخابرات العامة، ثم سجن المزة العسكري، وأخيرًا في سجن تدمر سيئ السمعة، حيث بقي فيه لمدة 21 عامًا، قبل نقله إلى سجن صيدنايا العسكري.
خلال هذه الفترة الطويلة، عايش الطيار رغيد الططري أسوأ ظروف السجون، حيث كان يتعرض للتعذيب المستمر والمحاكمات الصورية. عاش العديد من فصول “تمرد السجناء” في سجن صيدنايا، الذي رد عليه النظام بالقتل والتعذيب. ورغم ذلك، صمد الططري حتى لحظة اندلاع الثورة السورية في 2011، حيث تم نقله إلى سجن دمشق المركزي في عدرا.
تحرير الطيار رغيد الططري
في 8 أكتوبر 2024، وبعد 43 عامًا من الاعتقال، تحرر الططري من سجون الأسد بعد سقوط النظام على يد فصائل المعارضة السورية. عقب السيطرة على العاصمة دمشق، تم تحرير السجناء في إطار عملية “ردع العدوان” التي شنتها المعارضة ضد النظام.
تكريم الطيار رغيد الططري
عقب تحرره، تم تكريم رغيد الططري من قبل أهالي محافظة حماة الذين سبق أن رفض قصف مدينتهم في 1982. قدم له الشيخ معاذ ريحان سيفًا مذهّبًا تكريمًا لمواقفه البطولية ولقضائه أكثر من 4 عقود في سجون النظام السوري.
تُعتبر قصة الطيار رغيد الططري رمزًا من رموز الصمود السوري ضد الظلم والطغيان. وعلى الرغم من المعاناة التي عاشها، إلا أن تحريره يمثل نقطة فارقة في تاريخ سوريا الحديث، حيث ينهي مرحلة مظلمة استمرت لعقود تحت حكم الأسد. اليوم، يُعتبر الططري أحد الوجوه البارزة التي ساهمت في كشف جرائم النظام السوري، وتظل قصته ملهمة للكثيرين في سعيهم للحرية والعدالة.