أثار القرار الأخير لمحكمة الوزراء بعدم الاختصاص في النظر في قضية التزوير التي يتهم بها الشيخ خالد الجراح، وزير الداخلية والدفاع السابق، عدة تساؤلات حول أسباب هذا القرار.
وفي هذا السياق، أشارت مصادر مطلعة إلى أن القضية ترتبط بتفاصيل قانون محاكمة الوزراء. وأشارت إلى أن مرسوم الضرورة الذي أُصدر في عام 1990 بشأن محاكمة الوزراء كان قد حدد الجرائم التي يمكن تطبيقها عليها. ولكن يبدو أن القانون الذي أُصدر من قبل مجلس الأمة في عام 1995 بعد أن ألغت المحكمة الدستورية مرسوم الضرورة قد يحتاج إلى تغطية بعض الجوانب التي يعتبرها البعض ناقصة، مثل التزوير.
وتتعلق القضية التي يتهم فيها الجراح بتقديم بيانات غير صحيحة لأحد أجهزة التحقيق، مما أدى إلى إسقاط القضية على المتهمين في إحدى القضايا.
وفي تعليقه على القضية، قال الدكتور محمد الفيلي، الخبير الدستوري، لـ “الراي” إن “قانون محاكمة الوزراء هو قانون يختص بجرائم معينة يرتكبها الوزراء في سياق عملهم وفقا لأحكام إجرائية خاصة”. وأضاف أنه “كان من الممكن أن يتضمن القانون جرائم خاصة بالوزراء، ولكن المشرع لم يفعل ذلك”.
وأوضح الفيلي آلية محاكمة الوزراء في الجرائم التي قد يرتكبونها، سواء كانت تتعلق بأعمالهم الوزارية أو الشخصية. وقال: “الفكرة في قانون محاكمة الوزراء هي أن الفعل الذي يصدر من الوزير في سياق عمله الوزاري يخضع لقانون محاكمة الوزراء. أما الفعل الذي لا يتصل بعمله الوزاري، مثل أن يقوم وزير بصفته الشخصية بتزوير عقد بينه وبين شخص في مجال خارج نطاق الوظيفة الوزارية، فهنا يحكمه قانون الجزاء كما يحكم غيره. ووفقا للتكييف، هل نحن نتعامل مع أمر متصل؟”.
وأضاف الفيلي: “قانون محاكمة الوزراء أخذ من الجرائم في إطار الربط بالوظيفة، للجرائم المتصلة بعمل الوزير وقد وردت في أبواب معينة في قانون الجزاء. فإذا جئنا إلى جريمة ليست من بين الجرائم الموصوفة أو المحالة إليها في قانون محاكمة الوزراء، فنصبح أمام فعل ينسب لمرتكبه وهو خارج الإطار الإجرائي لقانون محاكمة الوزراء”.
ومن جانبه، أوضح الدكتور علي حسين الدوسري، أستاذ في كلية الحقوق في جامعة الكويت، أن “هناك ولايتين، إحداهما خاصة والأخرى عامة، تكون للادعاء العام وهي الممثلة بالنيابة العامة وتختص بجميع الجرائم. وتختص محاكم الكويت بجميع أنواع الجرائم لجميع الأشخاص، إلا أن محكمة الوزراء تعد استثناء من الأصل حيث تختص فقط في الجرائم التي يكون أطرافها وزراء”.
وأشار الدوسري إلى أن “بما أن محكمة الوزراء قررت عدم الاختصاص في النظر في دعوى التزوير الماثل فيها الوزير السابق، فيكون لمحاكم دولة الكويت والنيابة العامة الحق والاختصاص في نظر هذه الدعاوى لما لها من ولاية عامة في النظر في جميع الجرائم”.
وعن محاكمة الوزراء، بغير المحكمة المختصة “محكمة الوزراء”، بين المحامي الدكتور حسين العبدالله، أنه “يجوز في حال كانت الأفعال سابقة للعمل الوزاري وغير مرتبطة بعمله الوزاري، وإذا وقعت جرائم ليست واردة في قانون محكمة الوزراء أو كانت الفترة التي ارتكبت فيها الواقعة سابقة ولم يحمل فيها الصفة الوزارية هنا تكون النيابة العامة هي المختصة”.
وعلى الصعيد نفسه، أشار المحامي الدكتور محمد ناصر العتيبي إلى أن “قرار محكمة الوزراء بعدم الاختصاص يفتح الباب للنيابة العامة باعتبارها صاحبة الدعوى العمومية وفقا للدستور، ولها طريقان: الأول الطعن على حكم عدم الاختصاص أمام محكمة التمييز، والثاني قبول حكم عدم الاختصاص وتوجيه الاتهام والتحقيق مع المتهمين وفقا للقواعد العامة كدعوى جزائية عادية”.