دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش المجتمع الدولي إلى الخروج من “الدائرة المميتة” للاحتباس الحراري وذوبان الجليد في القطبين، وذلك قبل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28) والذي انطلق في دبي بدولة الإمارات أمس الأول الخميس.
وقال جوتيريش، في افادة صحفية: “يتعين على الزعماء التحرك للحد من ارتفاع درجات الحرارة حتى لا تزيد عن درجة ونصف مئوية (مقارنة بفترة ما قبل عصر الصناعة)، وحماية الناس من الفوضى المناخية، ووضع نهاية لعصر الوقود الأحفوري”.
ومن المقرر أن يتم في دبي تقييم أولي لما أحرزته الدول من تقدم في سبيل تحقيق الأهداف التي حددها اتفاق باريس لعام 2015، إضافة إلى التحركات المستقبلية.
كان المجتمع الدولي اتفق في عام 2015 على الحد من الاحتباس الحراري العالمي إلى أقل من درجتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، أو درجة ونصف، إذا ما أمكن ذلك.
وجاء الاتفاق على هذا الهدف من أجل تحاشي نقاط التحول الخطيرة التي قد تقود إلى عواقب لا يمكن إصلاحها، وأيضا العواقب الأكثر كارثية للتغير المناخي. وعلى الرغم من ذلك، يتجه كوكب الأرض حاليا صوب عالم أكثر دفئا بنحو ثلاث درجات، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ولهذا السبب، يواجه مؤتمر “كوب 28” مخاطر عالية: حيث إن الاتفاق على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وضمان توفير التمويل الكافي لتحول عادل، من البنود الرئيسية على جدول أعماله، وكذلك الجهود المبذولة للإبقاء على هدف الاحتباس الحراري العالمي “حيا” وسط سياق متنام من انعدام الثقة في التزامات الحكومات، وأيضا بين الدول الغنية وجنوب العالم.
وقالت كبيرة مفاوضي سلوفينيا، تينا كوبيلشيك: “نعلم أن عام 2023 سيكون الأكثر دفئا على الإطلاق، وأننا قد تجاوزنا هدف الدرجتين المئويتين للاحتباس الحراري… ببساطة، نحن بحاجة لبذل المزيد من الجهود.”
من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة
وبحسب بيان أصدرته الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قبل “كوب 28″، سيسعى التكتل إلى ضمان أن يشمل الاتفاق النهائي في دبي إنهاء إنتاج واستهلاك جميع أنواع الوقود الأحفوري – الفحم والنفط والغاز – فيما يتعلق باستخدام الطاقة، إضافة إلى أهداف مضاعفة الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة.
وبالنظر إلى التواريخ المقترحة لإنهاء استخدام الوقود الأحفوري، قالت مصادر من الرئاسة الإسبانية الدورية للاتحاد الأوروبي إنهم يتخذون من نقاشات اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (آي بي سي سي)، والوكالة الدولية للطاقة، مرجعا، وثمة حديث عن أفق بالنسبة للكهرباء، بحلول عام 2030، و2050 بالنسبة لكامل قطاع الطاقة.
وقالت مفوضة حماية المناخ بوزارة الخارجية الألمانية جينيفر مورجان: “بدون التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، لن نستطيع خفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى النصف بحلول عام 2030 والحفاظ على زيادة درجة حرارة العالم بمقدار درجة ونصف قابلا للتحقيق”. وأضافت في بيان أن ألمانيا “ستعمل مع الاتحاد الأوروبي من أجل الدعوة للتوسع في مصادرة الطاقة المتجددة”.
وتأتي أهداف خفض الانبعاثات بمقدار النصف بحلول عام 2030 وتعزيز إنتاج الطاقة المتجددة، متفقة مع الإطار العالمي للأمم المتحدة، ومدته 15 عاما. وتمارس الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتلك المرشحة للانضمام للتكتل، ضغوطا على المستوى المحلي لإحداث تغيير – وذلك بدعم من بروكسل في أحيان كثيرة.
إعادة طرح صندوق الخسائر والأضرار للنقاش
ورغم أن توجيه رسالة بشأن تخفيف حدة تداعيات التغير المناخي ستمثل المعركة الأهم في “كوب 28″، فهي لن تكون الوحيدة- ومن أجل نتائج متوازنة، من الضروري كذلك إحراز تقدم فيما يتعلق بالتضامن، خاصة فيما يتعلق بصندوق الخسائر والأضرار، الذي تم الاتفاق على إنشائه في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 27) في شرم الشيخ بمصر العام الماضي، كأداة لتقديم تعويضات عن الخسائر والأضرار الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري في البلدان الأكثر فقرا.
وأدت المفاوضات بين البلدان الغنية والنامية العام الماضي إلى التوصل لحل وسط، وسوف تبقى هذه الأداة في يد مجموعة البنك الدولي لمدة أربع سنوات، وهو أمر لا يلقى ترحيبا بين الدول الأكثر فقرا. ومن المقرر اتخاذ القرارات النهائية بشأن صندوق الخسائر والأضرار في دبي، حيث يتوقع حدوث معركة شديدة بين الشمال والجنوب.
ويهدف صندوق الخسائر والأضرار إلى تقديم 100 مليار دولار مساعدات سنوية للدول الفقيرة. وتتوقع الدول النامية من البلدان الصناعية الغنية، على وجه الخصوص، الإسهام في الصندوق، ويأمل بعضها في الحصول على مبالغ سنوية تصل إلى مئات المليارات.
ورغم ضخامة الأموال التي صدرت بها تعهدات، فإنها تشكل جزءا صغيرا من إجمالي تريليوني دولار ستكون هناك حاجة إليها بحلول عام 2030، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، لتمويل جهود التكيف مع التغير المناخي، بالإضافة للمساعدات ذات الصلة بالدول النامية.
وأوضح مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكه هوكسترا، والذي سيشارك في المفاوضات نيابة عن التكتل، أنه يتعين على الصين، التي تفاخر بأنها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أن تسهم في صندوق الخسائر والأضرار، دون أن تستفيد منه.
ويبشر اتفاق توصلت إليه أمريكا والصين بشأن التعاون في مجال العمل المناخي بخير فيما يتعلق بإمكانية تعزيز الجهود العالمية لمكافحة الظاهرة. وعلى نحو خاص، يشهد مؤتمر”كوب 28” محاولات تهدف إلى التوصل لاتفاقات من أجل زيادة مصادر الطاقة المتجددة بواقع ثلاثة أمثال بحلول عام 2030، وأيضا زيادة الدعم لجهود التكيف مع التغيرات المناخية.
وتشكل زيادة مصادر الطاقة المتجددة، والالتزام بخفض تسرب غاز الميثان، أهم ما يميز الاتفاق بين الولايات المتحدة والصين، والذي قد يضم قوى أخرى.
وتقدمت بلغاريا بالفعل بطلب لاستضافة “كوب 29″، ولكن روسيا وقفت في سبيل ذلك، وعطلته، ويستمر “كوب 28” في دبي حتى يوم 12 ديسمبر الجاري، ويتوقع أن يجذب 70 ألف مشارك، من 197 دولة.